إن القراءة المتأنية للتاريخ والوقوف المتأمل أمام أحداثه ووقائعه مما يساعد على فهم الحاضر واستيعاب خلفياته. هذا ما ينطبق تماما على الواقع المغربي، لاسيما أن المهتمين بالشأن العام على وجه العموم والشأن السياسي على وجه الخصوص يجدون أحيانا صعوبة في فهم هذا الواقع والتعامل معه تعاملا إيجابيا ومؤثرا. وهي صعوبة تبدو ناشئة من ازدواجية الخطاب الذي تستخدمه الأسر المغربية الحاكمة، والتوظيف المكيافيلي للدين والمصالح الاقتصادية والروابط الاجتماعية لخدمة نظام حكم أسري يبدو من خلال التتبع التاريخي لمسيرته أن هدفه الأساس هو الاستمرار في الحكم، وإن أبدى بعض المرونة أو المكيافيلية في بعض الظروف لضمان هذا الاستمرار.
في هذه الحلقة من ” صفحات من تاريخ المغرب ” نستعرض وثيقة تاريخية من المصادر التي أرخت للتاريخ المغربي، ولعل ما يعطي هذه الوثيقة مصداقيتها أنها كتبت بقلم مؤرخ الدولة العلوية نفسه أبو العباس أحمد الناصري الذي ظلت مصنفاته مرجعا للباحثين وأهل الاختصاص.
تتحدث هذه الوثيقة عن بدايات تأسيس الدولة العلوية وتشير إلى الوسائل التي استخدمها المؤسسون لإنشاء الدولة وتثبيت أركانها.