وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم (3).
قال تعالى:{ وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا} النساء 85.
عبد الكريم مطيع الحمداوي
تمت محاولتان للإصلاح بيني وبين النظام المغربي أثناء وجودي بالمملكة العربية السعودية:
الأولى قام بها الشيخ عبد العزيز بن باز، إذ فاتحني فيها بقوله:(ما رأيك يا شيخ مطيع في أن أرسل إلى الملك الحسن الثاني رسالة للوساطة في قضية الشبيبة فتعود إلى وطنك آمنا وإلى دعوتك الإسلامية وتلامذتك في الشبيبة الإسلامية، فلم أتردد في قبول الوساطة، على رغم جهلي بدوافعها، واحتمال صدورها من السلطة السعودية، وبعد يومين أو ثلاثة اتصل بي أحد مسؤولي الندوة وبيده رسالة من الشيخ ابن باز إلى الحسن الثاني في الموضوع، وأخبرني أن الدكتور عبد الحميد أبو سليمان الأمين العام للندوة العالمية للشباب الإسلامي قد كلف بتبليغ هذه الرسالة كلا من الدكتور هشام الطالب والدكتور جمال برزنجي والدكتور التجاني أبو جديري (أعضاء مكتب الإخوان المسلمين على الساحة الأمريكية)، وفعلا أخذ هذا الوفد الرسالة من عبد الحميد أبو سليمان بحضوري وموافقتي، ولكنه عندما وصل إلى الرباط اكتفى بأن اجتمع في بيت الدكتور الخطيب بالخلية التأسيسية للانقلاب على حركتنا الإسلامية وشبيبتها ونسقوا معها عملية الانقلاب. ثم سلموها مبلغا ماليا مهما تستعين به على شراء الذمم، ثم كتبوا جوابا شكليا للشيخ ابن باز يبررون به فشلهم في المهمة، نظرا لما ادعوه من سمعة سيئة للشيخ مطيع في الساحة الإسلامية المغربية.
المحاولة الثانية كانت بعد ذلك عندما اقترح عليّ الدكتور عبد الحميد أبو سليمان أن ترسل الندوة العالمية كلا من الأستاذ صالح أبو رقيق (الإخواني المعروف وعضو مجلس الإرشاد في الإخوان المسلمين) والدكتور هارون المجددي، برسالة من الشيخ حسن آل الشيخ وزير التعليم العالي إلى الحسن الثاني لنفس الغاية ،فلم أر بأسا في الموضوع، وفعلا بعد حوالي يومين حضر الرجلان (صالح أبو رقيق وهارون المجددي) إلى مكتب الندوة واستقبلهما بمحضري الدكتور عبد الحميد أبو سليمان وسلمهما رسالة الشيخ حسن، وتذاكر السفر ونفقاته.ثم ودعاني وانصرفا.
كلفت بعض أعضاء حركتنا في الداخل بمتابعة الموضوع عن كثب ومعرفة مدى مصداقيته، فكانت النتيجة أن صالح أبو رقيق اتُّخَذَت له (أسطورة الوساطة) للتمويه على عملية البيعة التي تقرر أخذها للإخوان المسلمين، من عصابة بنكيران، والتي مهد لها من قبل وفد هشام الطالب والبرزنجي والتجاني أبو جديري، ولم ينس الأستاذ صالح أبو رقيق كذلك بعد أخذ البيعة، أن يكتب إلى الشيخ حسن آل الشيخ تقريرا كله بهتان وغيبة ونميمة في حقي، وسعي للإضرار بي والتضييق عليَّ في المملكة العربية السعودية.
هذا التقرير كان بتوقيع صالح أبو رقيق نفسه، أطلعني عليه أحد موظفي مكتب الندوة وأخذت صورة منه.
هذه المناورات الرخيصة كانوا يتخذونها سرا وتقية للتمويه على تحركاتهم في داخل المغرب من أجل تفكيك حركتنا والقضاء عليها بتنسيق مع الاستخبارات المغربية، وتلافيا لأي رد فعل قد يصدر مني في حال معرفتي بما يكيدون…مع أني في السعودية لم يكن لدي لسان أرد به عادية، أو يد أدفع بها معتديا، أو رجل أحتمي بها من سطوة ظالم.
مع العلم بأن الأستاذ صالح أبو رقيق كانت له سابقة محنة وسجن في عهد جمال عبد الناصر، وأنه زارني في المغرب بعد خروجه من محنته، فأحسنت استقباله وإكرامه والإشادة به، وأحببته لما ناله في عهد عبد الناصر من أذى، ثم لما اطمأن إلى الأمن وأنجاه الله إلى البر لم يتورع عن أن يغرز خنجره في ظهري { إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} النور 15، { وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا} الإسراء 67، { فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}الزمر 49. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ملاحظة: جل أبطال هذه (المكرمات والشفاعات الحسنة) ما زالوا أحياء ويستطيعون الرد ….